عمر النعاس: الحرية والتحجج بالشرعية 6/9/2011 00:33 عمر النعاس: الحرية والتحجج بالشرعية
أ. عمر النعاس العرييي بحث

لا يخفى الأمر على احد أن ثورة 17 فبراير قد غيرت كثير من المفاهيم التي كانت سائدة في المجتمع الليبي. وما هو مثير حقا أن هذا التغيير سواء كان ايجابيا أو سلبيا قد حدث خلال فترة وجيزة لا تتجاوز ستة أشهر. وسوف أقوم بسرد بعض ما تم ملاحظته سواء من خلال المعايشة الواقعية أو من خلال ما عرض على شاشات القنوات الليبية سواء كانت الحرة أو الأحرار...الخ

1- خلال ندوة أقيمت بتاريخ 13/7/2011 وتتعلق بمناقشة مشروع لائحة تنظيمية لمنظمات المجتمع المدني مقدمة من قبل المكتب التنفيذي للثقافة والمجتمع المدني وبحضور عدد كبير من مندوبي منظمات وجمعيات المجتمع المدني ببنغازي. وكان الهدف من مشروع اللائحة محاولة الاتفاق على كيفية تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني. وقد كانت الندوة مفيدة ولكن رد الفعل من الحضور كان هجوميا ونادى معظم الحضور بعدم فرض أي قيود على منظمات المجتمع المدني. وما فات الحضور هو أن ما تم عرضه كان مشروع لائحة تنظيمية وليست قانونا حيث أن الدولة التي لم تكتمل بعد وليس هناك سلطة لإصدار القوانين بعد.

إضافة على ذلك، فإن مؤسسات المجتمع المدني يجب أن تكون مقيدة بقوانين سواء كان ذلك وفقاً للدول الغربية والتي أصبحت المثل الأعلى أو وفقاً للمواثيق الدولية.

2- رغم ملاحظاتي على الإعلان الدستوري الصادر يوم 10/8/2011، وان صدوره يجب أن يكون بعد سقوط نظام الطاغية بالكامل وبسط سيطرة المجلس الوطني الانتقالي على كامل التراب الليبي وليس قبل ذلك، وهذا ما تم استعراضه مفصلا في مقالة بعنوان (ما هية الدستور المؤقت) المنشورة بصحيفة العين- بنغازي العدد15 - بتاريخ 17/8/2011م

وتجاوزا لكل ذلك، فإن الإعلان الدستوري هو أمر واقع الآن وهو القانون الأعلى في ليبيا، وقد نص صراحة في المادة 17 على أن المجلس الوطني الانتقالي هو أعلى سلطة في ليبيا وهو السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا خلال (مرحلة التحرير والمرحلة الانتقالية) وحتى انتخاب المؤتمر الوطني.

3- خلال مشاهدتي (لقناة العاصمة) في برنامج أستوديو العاصمة كان المذيع مستضيفا بعض الإخوة الذين قالوا بتشكيل (الهيئة العليا لحماية الثورة) وأعلن عنها يوم 25/8/2011، وعندما سأل المذيع من أين تم اكتساب شرعية هذه الهيئة ؟ كان الجواب (أخذنا شرعيتا من سرايا الثوار) أي شرعية القوة. وكان الجواب عن مهمة هذه الهيئة هو الوصاية على الثورة وعلى الشعب الليبي. لقد تناسى هؤلاء الإخوة إن الشرعية الوحيدة في ليبيا هي المجلس الوطني الانتقالي وأن شرعيته مستمدة من الشعب الليبي وان الشعب الليبي لا وصي عليه.

4- في برنامج لقناة ليبيا الحرة يوم 4/9 يتناول حوار مع الفنانين، جاءت مداخلة من إحدى الفنانات وأعلنت عن إنشاء (نقابة الفنانين) منذ ثلاثة أيام، وعندما سألها المذيع من أين تكتسب هذه النقابة شرعيتها؟ جاء الجواب أن الشرعية جاءت من الفنانين الثوار!!

5- في برنامج لقناة ليبيا الحرة يوم 3/9/2011، تم نقل مؤتمر صحفي ( لمجلس ثوار طرابلس)، وقد سأل احد الصحافيين المتحدث باسم المجلس عن شرعية المجلس وكيفية اكتسابه لهه الشرعية، وكان الجواب هو أن شرعية هذا المجلس من الثوار.

6- فيما يتعلق بالفقرات (3،4،5 )، فإنه يجب أن يكون معلوماً أن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت وفقاً للشرعية المستمدة من الشعب ومن الإعلان الدستوري هو السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا خلال هذه المرحلة ويجب على الجميع احترام ذلك. ويجب على الثوار ألا يتجاوزا أهداف الثورة المتمثلة في تحقيق العدالة والحرية ودولة القانون. إن الثوار يمارسون دور الرقابة والمتابعة لحماية أهداف الثورة ويجب ألا ينغمسوا في ممارسة السلطة والحكم، وقد ثبت تاريخياً أن الثوار إذا ما مارسوا السلطة فإن الثورة لا تنتج دولة قانون بل تنتج دولة دكتاتورية واستبداد. وقد تم تناول هذا الموضوع في مقالة بعنوان ( الثوار لا يحكمون) وقد نشرت بصحيفة أخبار بنغازي - العدد 2295 بتاريخ 29/5/2011م، كما نشرت بصحيفة الكلمة ببنغازي - العدد التاسع بتاريخ 26/06/2011. 

الخلاصة:

كل ما تم استعراضه بصورة موجزة هو حصيلة عقود من الاستبداد ومصادرة الحريات والتخلف، ولكن علينا أن نكون متيقظين ومتفهمين حتى لا تأخذنا ( نشوة الحرية إلى ظهور استبداد القوة). وعندما تكون الحرية بدون قيود يظهر سلطان القوة وبالتالي يظهر التعسف والاستبداد.

ما أود طرحه هو أن الشعب الليبي بكامله هو شعب ثائر احتضن شرارة الثورة وهو الذي أسبغ الشرعية على هذه الثورة في كل أنحاء ليبيا وذلك من خلال رضاه واحتضانه لها وإيمانه بمبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة وقيام دولة القانون.

إن المجلس الوطني الانتقالي تم الاعتراف به دوليا بصفته الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي. أي أن العامل الرئيسي هو الشعب والشرعية تأتي من الشعب والثورة اكتسبت شرعيتها من الشعب.

وفقاً للإعلان الدستوري والذي يعتبر حاليا هو القانون الأعلى في ليبيا، فإن المجلس الوطني الانتقالي هو السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا مكتسبا شرعيته من الشعب الليبي، ولا توجد أي سلطة أخرى في ليبيا خارج نطاق سلطة المجلس الوطني الانتقالي، وأي سلطة أخرى خارج نطاق سلطة المجلس الوطني الانتقالي تعتبر سلطة خارجة على الشرعية.

ويجب على الجميع خلال هذه الفترة احترام شرعية المجلس الوطني الانتقالي المؤقت، والعمل جميعا على المضي قدما لتحرير كامل التراب الليبي من يد الطاغية وأعوانه، ومن ثم العمل على ترسيخ النظام الديمقراطي الحقيقي القائم على أسس الانتخابات الحرة والنزيهة والتي يشارك فيها كل أفراد الشعب في كل أنحاء ليبيا المحررة.

أ. عمر النعاس العرييي
ماجستير قانون دستوري
6/9/2011م

 

إضغط هنا للتعليق على الموضوع
Reader's Comments
عبدالقادر عبدالله
تنظيمات مريبة!! أستوقفتني صورة في إحدى الصفحات كانت لأحد مباني العاصمة عُلقت عليه لافتة كتب عليها "الهيأة العليا لحماية الثورة". قد يمر القارئ مرور الكرام على تلك العبارة ولا يستشعر خطورة…...
التكملة