ابراهيم اغنيوه: نظام في الفوضى!! 20/3/2015 07:16 ابراهيم اغنيوه: نظام في الفوضى!!
ابراهيم اغنيوه بحث

كلما ذُكرت "الفوضى" تبادر إلى الذهن الاضطراب وفقدان التحكم وعدم الفائدة وغير ذلك من الأمور السلبية. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما هو عدد الأشياء المنظمة التي نعرفها، وما هو عدد الأشياء المتحكم بها مائة بالمائة.

والاجابة: ليس كثيرا، إذا لم نقل لا وجود لشيء منظم تماما ومتحكم به تماما. بل أن معرفة الفوضى ودراستها قد يساعدنا في الحصول على نتائج مفيدة بجهد أقل وطاقة أقل مما ندفع به الآن من أجل الحصول على نتائج أقل فائدة.

كيف يكون ذلك؟ وهل يمكن أن تكون الفوضى أكثر فائدة من النظام؟ وهل ثمة نظام في الفوضى؟

في "علم الفوضى" تـُعرّف الفوضى بأنها ما يحدث من تغيير كبير جداً (لا نتحكم فيه) نتيجة لتغيير صغير جداً (قد نستطيع التحكم فيه).

مثال مبسّط على ذلك، أن نُحمّل بعيراً أحمالا ثقيلة جدا يستطيع أن يحملها لمسافات بعيدة، وهذا ما يحدث عادة في ما نسميه "النظام المتوازن أو المتزن"، الثابت في حركته المستمرة دون معوقات. هذا طبعاً إذا كنا نعرف بالضبط مدى قدرة البعير على تحمل الأثقال التي نضعها على ظهره، نتيجة لمعرفتنا المتراكمة أو تجاربنا السابقة المتكررة، والتي تضمن في نظرنا أن يستطيع البعير حمل الأثقال والسير بها إلى أي مكان نريده. هذا طبعا إذا توقفنا عن زيادة الأحمال قبل أن يضع أحدنا "القشة التي تقصم ظهر البعير"، أي يصبح "النظام فوضى".

و"القشة التي تقصم ظهر البعير" هي القشة التي يلقي بها أحدنا فوق الأحمال معتقدا أن إضافة ثقل بسيط فوق الأحمال الثقيلة لن يؤثر في قدرة البعير على التحمل، وهذه القشة ليست بالضرورة "قشة التبن" التي نعرفها، فقد تكون "صندوق صغير به بعض الحاجيات" أو "بطانية" أو "آنية أكل" أو "بُـندقية". الذي يحدث عندما يلقي أحدنا بحمل بسيط ليس ثقيلا أبداً مقارنة بالأحمال الثقيلة التي يحملها البعير، أن ظهر البعير ينكسر، أي أن التغيير البسيط جدا أحدث فوضى هائلة "قصمت ظهر البعير".

ما فائدة هذا؟ وهل يمكن للفوضى أن تتكرر؟ وهل لهذا من نقطة استقرار؟ أي "هل الفوضى مستقرة" كالأنظمة المعتادة؟

للإجابة على تلك الأسئلة، علينا بمثال "مُولـّد الجهد العظيم" الذي نشرحه فيما يلي:

اذا كان تغيير بسيط يولد تغييرا كبيرا جدا "عظيما"، فقد يستفاد من ذلك في الحصول مثلا على "جهد كبير" ببذل "جهد غاية في الصغر".

قد يبدو الأمر غاية في البساطة، ولكن الأمر يحتاج إلى تراكم على غرار أحمال البعير، ويحتاج الأمر أيضا إلى "طاقة"، فقد وصلنا في مثالنا إلى "القشة التي قصمت ظهر البعير" بعد تغييرات كبيرة و"تغييرات صغيرة كثيرة"، ولو قسمنا الثقل كله على قيمة "التغيير الصغير جدا" لكان عدد التغييرات الصغيرة جدا "كبيرا جداً" يختصره البعض بالقول أنه "لا نهائي".

ولتقريب الـ"لا نهائي"، يمكننا النظر إلى الصورة الأكبر، وهي مجمل الشمس والقمر والأرض وعدد هائل مثلها، تتحرك في ما يشبه نظام الفوضى، ولو حدث تغيير بسيط في المسافات بينها مثلا، لحدثت تغيرات هائلة في درجات الحرارة والجاذبية مثلا، وكانت الفوضى العارمة.

هل هذه نهاية كل شيء؟ وكيف إذن ندعي أن ثمة نظام في الفوضى؟

للإجابة على هذا السؤال نحتاج إلى تكملة تعريف علم الفوضى للـ"فوضى". فليس بالضرورة أن ينتهي كل شيء بحدوث الفوضى، فقد تنقسم الفوضى على نفسها لحاجة "نظامها" لطاقة (نفس الطاقة التي احتاجها مثال مولد الجهد العظيم أعلاه)، وهذه الطاقة قد تندثر أو تثبت، والثبات في الفوضى "زوال" إذا لم تنقسم الفوضى وتغذي نفسها بهذا الانقسام، أي أن مصدر الطاقة يتحول إلى مصادر طاقة يزداد عددها إلى ارقام كبيرة جدا، واذا كان هذا العدد "لا نهائي " فقد تحولت الفوضى إلى نظام، وانتهى كل شي الى ثبات واستقرار واتزان في انتظار "القشة التي تقصم ظهره".

عودة إلى التعريف الأول للفوضى وهو: أي تغيير بسيط "قد نستطيع التحكم في مقداره" في نظام بسيط، يُنتج تغييرا عظيما "لا نستطيع التحكم فيه". والسؤال : إذا كنا لا نستطيع ان نتحكم في الناتج "الفوضى"، فكيف يمكننا الاستفادة منه؟ بل هل استبدال النظام البسيط "قليل القيمة "بفوضى "كبيرة القيمة"، يستحق أن نبذل جهدا كبيرا من أجل الحصول على فوائده المرجوة؟

رُبّما تكون الاجابة هي أنّه في غياب تراكم المعرفة، وقلة التجربة، قد يكون الناتج انقسام الفوضى على نفسها، إثنان فوضى، أربعة فوضى، ثمانية فوضى، أي تتراكم الفوضى، ويحتاج الأمر إلى زمن طويل جداً قبل الوصول إلى نقطة تنتج الفائدة المرجوة، والتي قد لا يحضر حدوثها من قام بتجربة الحصول على "نظام في الفوضى"!!

ابراهيم اغنيوه

 


إضغط هنا لمراجعة التعليمات الخاصة بتعليقات القراء

إضغط هنا للتعليق على الموضوع
Reader's Comments
نصرالدين خليفة
من الصعب فهم مقال عن "علم الفوضى" فى محيط هذه المنشورة. المصطلحات تقنية ومن غيرها يصبح المقال للقارئ بمعرفة عامة (وليست متخصصة) غامض جداً,ولن يفهم مايقصده الكاتب.  حتى فى إطار…...
التكملة
ياسر
أبراهيم غنيوة وكأستاذ جامعي يحاول شرح مايحدث في ليبيا بطريقة علمية ، محاولة طيبة ...لمن يريد المزيد من الأطلاع عن هذا الموضوع الشيق يكتب Chaos Theory في جوجل.........
التكملة
نيتشه العرباوى
" اثنان فوضى، أربعة فوضى، ثمانية فوضى، أي تتراكم الفوضى، ويحتاج الأمر إلى زمن طويل جداً قبل الوصول إلى نقطة تنتج الفائدة المرجوة"...يااستاذ إبراهيم فى وجهة نظري لو وضعنا هذه…...
التكملة
متعجب عجيب

في ليبيا، الفوضى الخلاقة هي واقع يومي معاش و يفهمها تماما حتى الميليشياوي الداعيشي الجاهل البسيط!
...
التكملة
علي احمد
شكراً لك يا ستاد علي سالم انا احد الناس مستويا الدراسي لم اتعدا الإعدادية والأخ اغنيوه تعبيره اعتقد انه جميل ولكن يعملي في سوداع لأَنِّي خير قادر لفهم ماذا يقول…...
التكملة
علي سالم
دكتور ابراهيم: انت كاتب موهوب، احترمك كثيراً.. لكن حان الوقت لأن تسمي الأمور بمسمياتها، وتنعت الأشياء بألوانها: أسود/أبيض، فالمواضيع الفلسفية، على الرغم من جمالها، هي حالة من الترف الفكري في هذه…...
التكملة