عمر النعاس: تعديل اللائحة الداخلية للهيئة التأسيسية 30/4/2016 13:34 عمر النعاس: تعديل اللائحة الداخلية للهيئة التأسيسية
أ. عمر النعاس العرييي بحث

تعديل اللائحة الداخلية للهيئة التأسيسية - النصاب القانوني واتخاذ القرارات

دراسة مقارنة (الجمعية الوطنية 1591 والهيئة التأسيسية 2016)

إعداد: أ. عمر النعاس - البيضاء 17 أبريل 2016

 المقدمة:

وفقاً للنصوص الواردة في الإعلان الدستوري الصادر يوم 3/8/2011م وفي التعديل الأول، فإن تشكيل الهيئة التأسيسية يكون من (60 عضوا) على غرار (لجنة الستين) التي شكّلت لإعداد دستور استقلال ليبيا عام 1951، والتي كانت معينة تعييناً ولم تكن منتخبة من الشعب. 

وجاء في الإعلان الدستوري أن تصدر الهيئة قراراتها بأغلبية ثلثي الأعضاء زائد واحد.  ثم جاء النص الدستوري في التعديل الثالث ومن بعده التعديل الخامس والتعديلات اللاحقة بأن الهيئة يتم انتخابها من الشعب الليبي. الحكمة من النص على انتخاب الهيئة التأسيسية من الشعب الليبي، هو تحقيق مبدأ الاستقلالية والحياد وعدم خضوع الهيئة لأي سلطة قائمة في البلاد خلال إعدادها للوثيقة الدستورية.

إن وقوع المجلس الانتقالي والمؤتمر الوطني في الخطأ من خلال تكرار ما كان منصوصا عليه في الإعلان الدستوري والتعديل الأول من أن الهيئة "معينة تعييناً من المؤتمر" وأن تقييد الهيئة بآلية إصدار قراراتها، لا يعني بالضرورة أن تستمر الهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب الليبي وفقاً للنصوص الواردة في التعديلات الدستورية (3،5،6،7)، في تكرار وتطبيق ذلك الخطأ والذي كان ناتجا عن خضوع المجلس الانتقالي ومن بعده المؤتمر الوطني لضغوطات هائلة، بل من واجب هذه الهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب الليبي أن تتخذ الاجراءات المناسبة لإنهاء مهمتها التي أوكلها لها الشعب الليبي الذي قام بانتخابها من أجل انتاج وثيقة دستورية كاملة يكون الشعب الليبي هو الفيصل فيها وهو الذي يتخذ القرار بقبولها بــ(نعم) أم رفضها بــــ(لا)، من خلال الاستفتاء العام.

هذا الأمر يعني أن الهيئة التأسيسية لا سلطان عليها إلا الله سبحانه وتعالى، وأنها مسؤولة فقط أمام الشعب الليبي الذي يملك محاسبتها وعزلها، ولا يمكن للهيئة التأسيسية أن تكون مسؤولة أمام أي جهة أو جسم خلال هذه المرحلة الانتقالية. لأن مهمة الهيئة التأسيسية هي إزالة المرحلة الانتقالية بالكامل بكل ما فيها من أجسام قائمة أو مؤقتة والانتقال بالبلاد إلى مرحلة استقرار حقيقي حيث يتم تثبيت ما هو أصلح للبلاد من أجسام قائمة، واستحداث أجسام جديدة تكون ملائمة لمرحلة بناء الدولة الليبية الحديثة، دولة القانون والعدالة والمساواة، دولة المؤسّسات والتداول السّلمي على السّلطة، دولة الحقوق والحريات.

كل ذلك يعني أن تتمتع الهيئة التأسيسية بالاستقلالية التامة والحيادية، وعدم خضوعها لأي نصوص أو أجسام قائمة خلال هذه المرحلة الانتقالية، وأن كل هذه الأجسام القائمة خلال المرحلة الانتقالية يجب أن تقوم باتخاذ كل الاجراءات والتسهيلات لتمكين الهيئة التأسيسية من انجاز مهمتها المكلّفة بها من الشعب الليبي، وأن الشعب الليبي هو الوحيد الذي يملك محاسبة الهيئة التأسيسية بعد الله سبحانه.

 نقاط مهمة ومختصرة:

1/ الهيئة التأسيسية منتخبة من الشعب الليبي لصياغة الدستور، وتكون مسؤولة فقط أمامه.
2/ أعضاء الهيئة التأسيسية متفرغون لأجل هذه المهمة المحدّدة نتائجها.
3/ أعضاء الهيئة التأسيسية ليسوا أعضاء برلمان بل مكلّفين بأداء مهمة محدّدة.

 تفسير النص الدستوري (من يفسّر النص الدستوري؟):

النص الدستوري يكون تفسيره إما من "المشرّع" أو من "القاضي الدستوري". ومن مصادر التفسير التي ينتهجها المشرّع أو القاضي (النصوص الدستورية والعرف الدستوري والمصدر التاريخي والسوابق القضائية وحالة الضرورة).

 تفسير المشرّع:

سواء كان " المشرّع الدستوري أو القانوني": عند اصدار التشريعات، يقوم المشرّع بتفسير النص الدستوري وبناء على ذلك يصدر التشريع، وللمشرّع مطلق الحرّية في تفسير وتأويل النص الدستوري حسب ما يراه ملائما لإصدار التشريع.

 تفسير القاضي الدستوري:

يكون تفسيره خلال النظر في قضية مطروحة أمامه في المحكمة بعدم دستورية تشريع ما، ويكون قرار القاضي الدستوري إما: "بإقرار أن التشريع مطابقا للدستور أو مخالفا له".

 تعديل النصاب واتخاذ القرار باللائحة التنظيمية لعمل الهيئة التأسيسية:

استنادا على أن الهيئة التأسيسية هي هيئة منتخبة من الشعب الليبي لإنجاز مهمة محدّدة، وأن هذه المهمة هي الانتقال بالبلاد من مرحلة انتقالية إلى مرحلة استقرار نهائي، فإن هذه الهيئة يجب أن تتمتع باستقلالية حقيقية، وألا تخضع للقوانين والنواميس السائدة خلال المرحلة الانتقالية، وعليها أن تتخذ الاجراءات اللازمة لتحقيق هذه الاستقلالية التي تهدف لتحقيق هدف نبيل وسامٍ ألا وهو إنجاز وثيقة دستورية تحقّق للشعب الليبي الأمن والاستقرار، وأن تعمل هذه الهيئة على تأدية الأمانة الثقيلة التي أوكلها لها الشعب الليبي لانتشال البلاد من مستنقع الدماء والتقتيل والفساد إلى برِّ الأمان والطمأنينة والسلام.

إذا ما عرفنا حقيقة هذه المهمة التاريخية، وثقل الأمانة، فلن يكون لنا مناص من أن نبذل كل جهدنا في سبيل تحقيقها بكل الوسائل الممكنة، وليكن الشعب الليبي هو الحكم والفصل. ورغم تأكيدي دائما على أن الهيئة التأسيسية لا تخضع لأي نواميس خلال المرحلة الانتقالية، إلا أنه وللمزيد من الثقة والتأكيد، فإن ما جاء في نص الفقرة (10/ب) من التعديل الدستوري السابع (للمادة 30) واضح وصريح، حيث جاء النص كالآتي: "... وتتكون من ستين عضوا على غرار لجنة الستين التي شكلت لإعداد دستور استقلال ليبيا عام 1951م. ويتولّى المؤتمر الوطني العام بموجب قانون خاص تحديد معايير وضوابط انتخابها، ويراعى فيها وجوب تمثيل مكونات المجتمع الليبي ذات الخصوصية اللغوية والثقافية (الأمازيغ-الطوارق-التبو). وتصدر قرارات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بأغلبية الثلثين زائد واحد مع وجوب التوافق مع مكونات المجتمع الليبي ذات الخصوصية الثقافية واللغوية في الأحكام المتعلقة بهم...".

 تفسير وتوضيح:

1/ لجنة الستين التي أصدرت الدستور الليبي سنة 1951م تم تشكيلها من خلال التعيين (حيث تم تعيين ممثّلو برقة من قبل سمو الأمير محمد ادريس السنوسي، وممثّلو فزّان من قبل سعادة أحمد بك سيف النصر، وممثّلو طرابلس من قبل الجمعية الوطنية بطرابلس)، في حين أن الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور هي منتخبة من الشعب الليبي مباشرة وتكتسب شرعية وجودها وأداء عملها من الشّعب الليبي مصدر كل السّلطات في ليبيا الجديدة.

2/ قانون 17 لسنة 2013 هو قانون يحدّد معايير وضوابط الانتخاب، وجاء تحت اسم " قانون رقم 17 لسنة 2013 بشأن انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور". وهذا القانون تم اصداره من قبل سلطة انتقالية خلال مرحلة انتقالية فقط لانتخاب الهيئة التأسيسية، ولكن لا يمكن لهذا القانون أن يقيّد عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور والتي تم انتخابها من الشعب الليبي مصدر السلطات والتي مهمتها تأسيس الدولة الليبية الجديدة والانتقال بالبلاد من المرحلة الانتقالية، كما لم يأت في القانون ما ينص على تقييد عمل الهيئة التأسيسية.

3/ عدد الأعضاء في الجمعية الوطنية التأسيسية (60) عضوا وقد تم تعيينهم، في حين أن أعضاء الهيئة التأسيسية هم أعضاء منتخبين من الشعب، ومتفرغين تفرغاً تاماً بحكم القانون لمهمة انجاز الدستور.

 اصدار القرارات بأغلبية الثلثين زائد واحد:

السؤال ما هي الحكمة من هذا الشرط؟ بالمعنى العام، المقصود بذلك عدم الإخلال بمبدأ التوافق، من خلال تواجد لممثلين عن المناطق الانتخابية الثلاثة وفقا لمفهوم الأقاليم التاريخية الثلاثة عند اصدار القرارات. ولكن هل هذا يعني ضرورة أن يكون العدد هو (ثلثين زائد واحد من الستين أي 41)؟ والاجابة بكل تأكيد (لا). بالرغم من أن (لجنة الستين) التي أصدرت دستور 1951م تم تشكيلها على أساس (الأقاليم الثلاثة)، إلا أنه لم يأت أي نص على وجوب أن يكون النصاب أو اتخاذ القرارات متطلبا لتمثيل الأقاليم الثلاثة (برقة وطرابلس وفزّان). ولهذا فإن النص في اللائحة التنظيمية لعمل الهيئة التأسيسية على آلية تحديد النصاب واتخاذ القرار هو عمل تختص به الهيئة التأسيسية دون غيرها، ولا يجوز لأي جهة أن تتدخل في عمل الهيئة التأسيسية أو في آلية الاجراءات التي تتخذها لإنجاز مهمتها المكلّفة بها من الشعب الليبي والذي سيكون هو الرقيب والحسيب عليها وهو من يملك أن يقرّر مصيرها.

إن النص على اتخاذ القرار بأغلبية ثلثي الأعضاء زائد واحد من الأعضاء الفعليين، أو في حالة الضرورة وتعذّر ذلك اتخاذ القرار بأغلبية ثلثي الحاضرين مع ضمان أن يكون الأعضاء الموافقون من المناطق الانتخابية الثلاثة، لا يتناقض بتاتا مع النص الوارد في الإعلان الدستوري والذي جاء فيه (أغلبية ثلثي الأعضاء زائد واحد)، حتى وإن كان المقصود منه وجوب تواجد ممثلون عن الأقاليم الثلاثة، لأن النص المعدّل يتطلّب أن يكون الأعضاء الموافقون يمثلون المناطق الانتخابية الثلاثة. كما أن هذه الآلية لا تستبعد أي أحد من أعضاء الهيئة التأسيسية الذين تم انتخابهم في دوائرهم الانتخابية من أجل المشاركة في أعمال الهيئة التأسيسية والمداولات واتخاذ القرارات لإخراج مشروع الدستور الليبي الذي ينتظره ناخبون أولئك الأعضاء، كما ينتظره كل أبناء الشعب الليبي العظيم داخل البلاد وخارجها. بل أن هذه الآلية تعتبر ضمانة حتى لا يتغيّب أحد من الأعضاء المتفرغين قانونا عن المشاركة في تقرير مصير البلاد، وعليهم ألاّ يتغيبوا إن كان يهمهم فعلاً مصير الليبيين والليبيات الذين يعانون طوال سنوات عديدة من النزاعات المسلّحة، والتهجير والنزوح والتشريد داخل البلاد وخارجها، وهم يتطلّعون ويترقبون نتيجة الهيئة التأسيسية وعاقدين عليها كل الآمال.

 خلاصة: قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات":

هذا خطاب يستند على قواعد الشريعة الاسلامية السمحاء، وهي مصدر التشريع في ليبيا. المحظورات هي ما حرّمها الله عزّ وجلّ ورسوله الكريم،  ورغم ذلك وعند الضرورة تكون المحظورات مباحة شرعاً، ما أيسر شرع الله عزّ وجلّ على عباده. وفي ذات المعنى يقول ابن القيم وابن سعدي: لا حرام مع ضرورة.

 التساؤلات المطروحة هي:

- ما هو الشيء المحظور شرعاً على الهيئة التأسيسية لإخراج مشروع الدستور للشعب الليبي لحقن دماء المسلمين وتخفيف معاناة الليبيين والليبيات داخل البلاد وخارجها؟

- هل ما ورد في الاعلان الدستوري أو قانون 17 نصوص مقدّسة لا تُمسّ ولا يجوز مخالفتها؟

- هل من الواجب التسليم بمعاناة الشعب الليبي المسلم، فقط لأن " بعض السادة والسيدات" من أعضاء الهيئة "مقاطعين ومعلّقين" وهم يعرفون أن النصاب لا يكتمل إلا بهم للخروج بمشروع الدستور؟  أم أنه من الواجب علينا تجاوز هذه المعضلة وفقاً لتحقيق المصلحة العامة، واستنادا إلى المبدأ الشرعي بأن الضرورة تبيح كل محظور شرعي، فهل نرضخ لعائق قانوني وضعي؟

- هل الخروج بمشروع دستور إلى الشعب الليبي يهدف لحقن الدماء هو عمل محظور شرعي؟

أن الضرورة التي توجب الاسراع بمشروع الدستور هي "احتمال حقن الدماء"  إذا ما أقرّه الشعب الليبي، وبالمقابل فإن سفك الدماء قائما ومستمراً إذا ما بقي الحال كما هو عليه من صراع مسلّح على السّلطة وعرقلة الخروج بهذا المشروع. إن الأمل باحتمال حقن الدماء هو نجاح، أفضل من الرضى بالفشل والقبول بسفك الدماء. وبإذن الله تعالى، فإن العزم قائم للمضي قدماً دون خوف أو رهبة إلا من الله عزّ وجلّ.


الجمعية الوطنية التأسيسية لسنة 1951م


قياساً على ما جاء في اللائحة التنظيمية لعمل الجمعية الوطنية التأسيسية: (لجنة الستين لسنة 1950/1951)، وهي اللجنة التي أسست أساسا على معيار جغرافي إقليمي تتمثل في الأقاليم الثلاثة ( برقة وطرابلس وفزان)، لم تنص لائحتها التنظيمية على أن يكون النصاب أو اتخاذ القرار وفقاً للتمثيل المناطقي أو الإقليمي، ولم يرد هذا التفسير على الإطلاق في تلك اللائحة. كما لا يوجد أي نص في اللائحة التنظيمية لعمل الجمعية الوطنية التأسيسية يتعلّق بالتمثيل الإقليمي سوى في نص (المادة 19) المتعلّقة بالاستقالة وآلية التعيين.

 أولا/ تحديد النصاب القانوني للاجتماعات:

جاء النص صريحا وواضحا بخصوص صحة عقد الاجتماعات. وهي آلية بسيطة تنم عن حكمة الآباء المؤسسون ومدى عزمهم الحقيقي لإنجاز مهمتهم التاريخية في إطار زمني محدّد في القرار رقم 289 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21 نوفمبر 1949م، والذي جاء فيه على ضرورة إعلان استقلال ليبيا بأقاليمها الثلاثة قبل يوم 1 يناير 1952م. وحدّد النص النصاب القانوني كالآتي: المادة 12: "يكون اجتماع الجمعية قانونيا متى حضره ثلثا الأعضاء".

 ثانيا/ المقاطعة والتعليق:

لم يرد في اللائحة التنظيمية لعمل الجمعية الوطنية التأسيسية لسنة 1950/1951 أي شيء بخصوص المقاطعة أو تعليق العضوية، وهي ذريعة يتحجّج بها الأعضاء الذين من واجبهم أن يكونوا متفرغين لهذه المهمة، بل ما جاء في لائحة الجمعية الوطنية التأسيسية هو الاستقالة. المادة 19: "كل عضو يريد الاستقالة يقدّم استقالته إلى رئيس الجمعية ومتى قررت الجمعية قبولها يخبر الرئيس الجهات المختصة لكي تعين بدله والجهات المختصة هي سمو الأمير المعظّم في برقة وسعادة أحمد بك سيف النصر في فزان وممثلو طرابلس في الجمعية الوطنية بطرابلس".

 تساؤلات مطروحة على الشعب الليبي، على الناخبين والسلطة القضائية والقانونيين عموماً:

هل ما يسمّى بالمقاطعة أو تعليق العضوية هو إجراء قانوني وارد في الإعلان الدستوري وتعديلاته، وفي قانون 17 لسنة 2013 بانتخاب الهيئة التأسيسية؟ هل "المقاطعة أو التعليق" ، يعتبر إجراء يتم اتخاذه بمعرفة ومباركة الناخبين في الدوائر الانتخابية أم هو إجراء صادر عن العضو المقاطع أو المعلّق لعضويته لغاية في نفسه؟ هل هؤلاء المقاطعون والمعلّقون لعضويتهم يقومون بذلك من أجل ليبيا؟ أم لخدمة أغراض أخرى لا علاقة لها بمصلحة الوطن ومصلحة الشعب الليبي؟ أليس ما "يسمى بالمقاطعة والتعلي" هو مصادرة "العضو المقاطع" لحق ناخبيه واحتكار قرارهم الذي يلزم العضو بنقل آراء ناخبيه والدفاع عن مصالحهم في إطار مصلحة ليبيا؟ ألا يكون الهدف هو تكريس حالة الفوضى والتقتيل لفرض سلطة أحادية بالقوة، والعمل على عرقلة قيام دولة القانون والعدالة والتداول السلمي على السّلطة؟ أليس من الواجب على العضو الاستقالة بدلاّ من التحجّج "بمصطلحات" لا سند قانوني لها؟ واتاحة الفرصة لغيره ليحل محلّه خدمة للوطن وللشعب الليبي الذي يعاني أكثر من 5 سنوات؟

 ثالثاً: اتخاذ القرار:

الهدف من تشكيل الهيئة التأسيسية هو الخروج بمشروع دستور يتم طرحه على الشعب الليبي للاستفتاء عليه بـــ(نعم) أم  (لا). حيث أن الفيصل والحكم هو الشعب الليبي. وفي الحقيقة، لا يهم الأغلبية التي تصدر بها الهيئة قراراتها في الشأن الدستوري، لأنه حتى ولو أصدرت الهيئة قراراها بالإجماع لما كان ذلك ضمانة لقبول الشعب الليبي به، ولكن ما سوف يقبل به الشعب هو المهم، وهو ما قد يراه مناسبا له ومحققاً لجملة من طموحاته وآماله.

وتنص اللائحة الداخلية للجمعية الوطنية التأسيسية على الآتي: المادة الحادية والثلاثون:‏ "تصدر قرارات الجمعية بموافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين المقترعين. ويجب التحقق من تكامل ‏العدد المطلوب لصحة الاقتراع".‏ بالرغم من أن الجمعية الوطنية تم تشكيلها على أساس الأقاليم التاريخية الثلاثة برقة وطرابلس وفزان، إلا أن نص اتخاذ القرارات جاء صريحا وواضحا ولا علاقة له بتمثيل الأقاليم الثلاثة. وقرّر النص أن اتخاذ القرار يكون بموافقة (ثلثي الحاضرين المقترعين)، وهذا يعني أن حتى العضو الحاضر ولم يشارك في الاقتراع يعتبر وكأنه غير حاضر. هكذا كانت آلية اتخاذ القرار من الآباء المؤسسين للدولة الليبية سنة 1951. نعم، إنها الحكمة الحقيقية التي تمتع بها أولئك الآباء لإصدار الدستور الليبي قبل انتهاء المدة المحددة في قرار الجمعية العامة (رقم 289) الصادر يوم 21/11/1949 والذي جاء فيه ضرورة الإعلان عن استقلال ليبيا بأقاليمها الثلاثة قبل يوم 1/1/1952م.

ومن هذا المنطلق، ليس هناك ما يمنع الهيئة التأسيسية وهي هيئة منتخبة من الشعب الليبي ان تجد الآلية المناسبة للخروج بمشروع دستور يقول فيه الشعب الليبي كلمته بــ(نعم) أم (لا). وتلك هي الحكمة التي كانت لدى الآباء المؤسسون للدولة الليبية سنة 1951م، وأرجو أن يتحلّى السيدات والسادة أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي بحكمة الآباء المؤسسون،  حتى نتمكن من الخروج بهذا المشروع للشعب الليبي الذي ينتظره بكل شغف، وعاقدا عليه الأمل.

الخلاصة...  وفي رأيي الخاص جداً:

هذه الهيئة التأسيسية هي هيئة منتخبة من الشعب الليبي لإنجاز مهمة محدّدة وللانتقال بالبلاد من مرحلة الصراع المسلّح على السلطة وسفك الدماء وتشريد ونزوح الليبيين والليبيات داخل البلاد وخارجها، إلى مرحلة استقرار لتمكين الناس من العودة لبلادهم والشعور بالأمن والطمأنينة والسلام، حيث يقوم العدل ويحكم القانون. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف السامية والنبيلة، من واجب الهيئة التأسيسية أن تتخذ كل الاجراءات الممكنة لتحقيق ذلك، وعليها ألا تكون خاضعة لأي جهات أو أجسام قائمة خلال هذه المرحلة الانتقالية والتي تريدها أن تستمر إلى الأبد لاستفادتها من هذه المرحلة.

على الهيئة التأسيسية ألا تخضع لأي قوانين أو نواميس هي عبارة عن امتداد لمرحلة الاستبداد، وعلى الهيئة التأسيسية ومن واجبها رفض كل ذلك وايجاد أفضل الطرق وأيسرها لإخراج هذه الوثيقة الدستورية للشعب الليبي ليحكم بنفسه وليقرّر إما بقبولها أو رفضها.

على هذه الهيئة أن تقطع الطرق أمام كل من يحاول عرقلة خروج هذه الوثيقة بأي وسيلة لغرض في نفسه أو تحقيقا لأهداف ايدولوجية أو فكرية أو غيرها. لا أساس قانوني ولا سند لما يدّعيه البعض "بالمقاطعة أو التعليق"، بل هناك شجاعة الاستقالة كي يحضر البديل.

علي كل أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي أن يتحمّلوا مسؤولياتهم التاريخية أمام الله عزّ وجلّ، وأمام الشعب الليبي، وأمام أنفسهم وأهلهم، وأن يقوموا بإخراج هذه الوثيقة الدستورية التي ينتظرها شعبنا الليبي بفارغ الصبر وعاقدا عليها الآمال والطموحات.

على الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي أن تقوم بإصدار هذه الوثيقة في أسرع وقت وأن يكون الأمر في يد الشعب الليبي للقبول به أو رفضه، والضرورات تبيح المحظورات.

إن التاريخ لا يكتب بأيدي مرتعشة، وعلينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية كاملة ونصدر هذه الوثيقة الدستورية لطرحها على شعبنا الليبي العظيم حتى يقول كلمته ويكون له فصل الخطاب. والشعب الليبي لن يصبر علينا طويلا... لقد طفح الكيل..!!!

عاشت ليبيا حرة أبية... حفظ الله ليبيا...

أ. عمر النعاس
مدينة البيضاء - 17/4/2016

 

 

إضغط هنا للتعليق على الموضوع
Reader's Comments
عمر الفرجاني
انهم لا يريدون دستورا انهم يريد الامور تسير كما هي الي ان يكون لهم ولوحدهم فقط كتابة دستور انهم يريدون السلطة وكل السلطة في طرابلس وبين ايديهم وتحت اعينهم انهم…...
التكملة
مواطن يعتقد الصلاح
(على الهيئة التأسيسية ألا تخضع لأي قوانين أو نواميس )، هذا القول لا يستقيم فالقانون هو الذي أوجد الهئية ، وإذا كانت كذلك فلماذا قامت بطرح هذه المسودة التي تفتقد…...
التكملة
مواطن
كمواطن كنت انتظر أن تقوم اللجنة باستفتاء الشعب حول نظام الحكم أولا ، لا أن تختار هي نظام الحكم . وكون اللجنة لم تستفت الشعب ولم تقم باستفتاء الشعب حول…...
التكملة
صالح الفاخري
شكرا اخي الكريم لايضاحك كل هذه الامور القيمة .. بداية اقول بكل صراحة ان الهيئة اسمها ( الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ) ماذا ..صياغة .. والصياغة اخي الفاضل لابد وان…...
التكملة