يقف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية عاجزا أمام الفوضى وعدم الاستقرار اللذين تبثهما الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، في الوقت الذي ازدادت فيه حدة الغضب الشعبي المطالب بوضع حد لهذه الميليشيات.
العرب اللندنية: صعدت الميليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس في الآونة الأخيرة من تحركاتها العبثية التي بلغت حد ارتكاب جرائم قتل وترويع في حق السكان لتكسر حالة الترقب التي تلت دخول المجلس الرئاسي للعاصمة منذ ثلاثة أشهر. وشهدت منطقتي غوط الشعال وجنزور الواقعتين في العاصمة طرابلس عمليات خطف على الهوية نفذتها ما يعرف بـ»سرية 20» و»فرسان جنزور»، بعد خلاف بينهما في مشهد عكس الغياب التام للدولة في المدينة.
وبدأ الخلاف بين المجموعتين المسلحتين بعد أن ساعدت ميليشيا «فرسان جنزور» ما يعرف بقوة الردع الخاصة في إلقاء القبض على شاب متهم بجرائم خطف وسطو مسلح ينحدر من مدينة جادو. وقالت وسائل إعلام محلية إنه منذ إعلان ”الردع ” الليلة الماضية لنبأ تمكنها من إلقاء القبض على الشاب المتهم المطلوب لديها منذ ثلاثة أشهر بالتعاون مع ميليشيا فرسان جنزور، أطلق مسلحون متعاطفون مع الشاب عمليات خطف بحق مواطنين مدنيين من منطقة جنزور أثناء مرورهم من جزيرة دوران غوط الشعال الرابطة مع الطريق السريع وفي محيط مصنعي التبغ والمباني المصنعة حيث تنشط هذه المجموعات .
وفي المقابل يقوم مسلحون من ميليشيا فرسان جنزور يرافقهم بعض أهالي المختطفين بخطف مواطنين مدنيين من مدينة جادو حال استيقافهم بمنطقة جنزور للمطالبة بإطلاق سراح المختطفين منهم لدى ميليشيا «سرية 20» وذلك فى استيقافات بالقرب من مركز المعاقين وعند الإشارة الضوئية الرابطة بين المنطقة مع منطقة النجيلة وعلى الطريق المؤدي إلى منطقة السراج والطريق السريع. ويشتكي سكان العاصمة منذ أشهر من تدهور الوضع الأمني وارتفاع معدل الجريمة والخطف من أجل الفدية، إضافة إلى سطوة وجبروت الميليشيات المسيطرة على مناطقهم.
وقال موقع المرصد الليبي إن عدد المختطفين من الطرفين تجاوز 10 مواطنين على الأقل من بينهم عنصر بالمباحث العامة فرع جنزور وعنصر من مكافحة المخدرات فرع جنزور وفرد من سرية القوة المتحركة، كما يتهم الطرفان بعضهما بتعذيب المختطفين لديهما . وفي حين لم يصدر عن المجلس الرئاسي ولا لجنة الترتيبات الأمنية المنبثقة عنه أي رد فعل بخصوص هذه الحادثة، استبعد مراقبون تدخل المجلس الرئاسي لفض هذا الخلاف مستندين في توقعاتهم هذه للمواقف السلبية السابقة التي اتخذها المجلس إزاء الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات في حق مدنيين عزل.
ولئن أعلن المجلس الرئاسي في بيانات سابقة عن عزمه فتح تحقيق في ما يتعلق بالجرائم التي ارتكبتها الميليشيات، من ذلك جريمة سجن الرويمي التي راح ضحيتها 17 سجينا محسوبين على النظام السابق وجريمة القره بولي التي سقط فيها أكثر من 40 قتيلا، إلا أنه لم يقدم حتى الان أي معلومات أو تفاصيل بخصوص تشكيل لجان تحقيق في هذه الجرائم. وفي خطوة كشفت قصر يد المجلس الرئاسي وعجزه عن تركيز سلطة الدولة في العاصمة طرابلس، تدخل أعيان وحكماء المنطقة الغربية لفض الاشتباكات المسلحة التي اندلعت الأسبوع الماضي بين سكان منطقة القره بولي وميليشيات مصراتة التي تسيطر على منطقتهم بعد أن قتلت 40 شخصا.
ويتهم الكثير من الليبيين المجلس الرئاسي بالعجز عن السيطرة على الميليشيات، بعد أن تهاون في التعامل معها ضاربا عرض الحائط بمخرجات اتفاق الصخيرات التي تنص على ضرورة إخراج الميليشيات من المدن بعد سحب سلاحها الخفيف والثقيل. ويذهب الكثير من المتتبعين إلى اعتبار أن المجلس الرئاسي الذي مر على دخوله إلى العاصمة طرابلس ثلاثة أشهر، بات يعمل تحت سيطرة الميليشيات التي تقوم بحراسته في مقر عمله في قاعدة أبوستة البحرية، ما يعني نسف جهود الحوار التي بذلت على مدار حوالي سنتين والتي تهدف بالأساس إلى وضع حد لسلطة الميليشيات المسلحة وتركيز دولة القانون والمؤسسات.
ويرى مراقبون أن عمر المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوفاق المنبثقة عنه بات قصيرا في ظل عجزه عن السيطرة على البلاد ووضع حد لسطوة الميليشيات، رغم الدعم الدولي والعربي الذي حظي به بمجرد دخوله إلى العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي. وكان رئيس مجلس النواب قد أكد في تصريحات صحافية سابقة استحالة منح مجلس النواب الثقة لحكومة الوفاق، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من النواب الذين كانوا يدعمون هذه الحكومة تراجعوا عن موقفهم بعد أن وقف المجلس الرئاسي موقف المتفرج أمام الجرائم التي ترتكبها الميليشيات في العاصمة طرابلس في حق مدنيين عزل. وشدد عقيلة على أن حكومة الوفاق لن تستطيع العمل في ظل وجود الميليشيات المسلحة، مستندا في حديثه إلى الجرائم التي نفذتها الميليشيات، مؤكدا أن اعتماد الحكومة على هذه التشكيلات المسلحة يعتبر عودة إلى المربع الأول من الأزمة.